نظام تصنيف المستوى القرائي للنّصوص العربية
مسألة تصنيف مستويات كتب أدب الأطفال العربي باتت مهمّة وملحّة للغاية ومرتبطة بمدى التحصيل القرائي عند الطالب. هناك معايير عالمية عدّة يتمّ على أساسها تصنيف مستويات الكتب نذكر منها نظام سبايكي وفلسك كينكايد الذين وضعا معادلة حسابية تنظر إلى طول الجملة وعدد مقاطع الكلمات فيها وتحتسب على أساسها رقما معيّنا لتصنيف مستوى الكتاب. هذا النظام وبالرغم من انتشار استخدامه لسهولة احتساب المستويات ليس دقيقا للغاية بسبب تركيزه على طول الجمل ومقاطع الكلمات وحسب وبسبب عدم قدرته على تصنيف القصص الشعرية والمسرحيات وغيرها من الأنواع الأدبية التي قد يهتم بقراءتها الأطفال.
فيما يتعلّق بتصنيف مستويات أدب الأطفال العربي فقد اقترحت د. هناد طه استخدام نظام خاص ومتوافق وطبيعة اللغة العربية والأدب المكتوب بها. واقترحت أن تكون الخصائص والسمات التي ينظر الأخصائيون اليها في ذلك كالتالي:
الخصائص العشرة لنظام هنادا طه التصنيفي هي:
1- النوع الأدبي: من المهم النظر إلى النوع الأدبي أثناء تصنيف مستوى الكتب ذلكأنّ الأنواع الأدبية كثيرة جدا وبعضها قد يكون بطبيعته الأدبية أكثر تحدّ فيما يتعلّق بمعانيه كالشعر أو بمفرداته كالخيال العلمي أو بخلاصاته كالقصص الأخلاقي.
2- مدى الرمزية في الكتاب: والسبب أنّ الكتابة الأدبية في الثقافة العربية تميل إلى الرموز وإلى تضمين الرسائل التي قد تكون بحاجة إلى استقراء واستنتاج وتحليل مما لا يلائم المستويات الأولى والمبتدئة قرائيا.
3- اختيار المفردات من حيث قربها أو بعدها عن اللهجة المحليّة: والسبب في ذلك أنّ بعض المفردات في كتب أدب الأطفال تكون قريبة جدا من اللهجة المحلية والمحكية وبالرغم من ذلك تكون صحيحة وفصيحة (أنظر كتابات سماح ادريس وكتابات نجيب محفوظ) مما يسهّل على القارئ فهم النصّ.
4- أصالة النص: هل النصّ أصيل (مكتوب أصلا باللغة العربية) أم مترجم عن لغات أخرى؟ والسبب في ذلك أنّ الترجمة في أدب الأطفال العربي قد كثرت وشاعت وبات هناك كمّ هائل من الجيد منها والأقل جودة داخل الصفوف وفي المكتبات. وغالبا ما تكون الترجمة حرفية عن النصّ الأصيل الأمر الذي يدعونا للتوقّف عنده وللنظر فيه. وعادة ما تكون النصوص المترجمة أكثر صعوبة من تلك الأصيلة وخاصة كتب أدب الأطفال العلمية وكتب المعلومات. هذا طبعا لا يمنع أن تكون هناك كتب مترجمة من المستوى أ (أنظر كتاب ألوان الصحراء من مجموعة مكتبتي العربية).
5- اخراج الكتاب: يشهد الوطن العربي حاليا اهتماما أكبر بأهمية الاخراج الجيد لكتب أدب الأطفال. واخراج تلك الكتب مسألة ذات أهمية شديدة ذلك أنها قد تحكم على مدى شعبية الكتاب وسهولة تناوله وقراءته وقربه من القارئ. فالكتب ذات الأوراق المصقولة واللامعة والألوان القوية والجذابة تسهّل على القارئ عملية القراءة. أما العامل التربوي الأهم في اخراج كتب أدب الأطفال فيتعلّق بحجم الخط المستخدم ونوعه. فالكتب من المستوى (أ) وحتى المستوى (ز) لا بدّ من أن يكون حجم الخط فيها كبيرا جدا وواضحا جدا بحيث لا تلتبس الحروف على الطالب كما لا بدّ استخدام أوضح أنواع الخط العربي فيها كخط النسخ مثلا. ومن الممكن أن يصغر حجم الحروف بارتفاع المستوى القرائي للكتاب على أن يكون أصغر حجم مستخدم للخط في الكتب العربية حجم 14.
6- المحتوى والأفكار: قد تكون الأفكار المطروحة في الكتاب واضحة وصريحة ومباشرة وقد تكون غامضة وخفيّة وغير مباشرة مما يؤثّر على تصنيف مستوى الكتاب حيث تكون الكتب ذات الأفكار غير المباشرة أعلى مستوى قرائيا من غيرها لأنّ فهمها يعتمد على تحليل تلك الأفكار واستخلاص ما يحاول الكاتب قوله. فأسلوب الكتابة في العالم العربي مثلا يطغى عليه أسلوب الدوائر المتكررة والتي لا تبدأ أو تنتهي بشكل واضح وعليه فٳنّ الهدف من الكتابة يبقى أحيانا غير واضح في ذهن القارئ مما يكسب تصنيف مستوى الكتاب صعوبة ٳضافية. إضافة إلى ذلك يراعى في تصنيف مستوى الكتاب مدى قرب المحتوى والموضوع والأفكار من حياة الطالب (المدرسة، البيت، الألعاب، العائلة، الحيوانات الأليفة) أو بعدها عنه (الفضاء، الصناعات، الخيال العلمي).
7- تراكيب الجمل: ويتضمّن ذلك النظر إلى أنواع الجمل المستخدمة (جمل فعلية أم اسمية) والأهم من ذلك طول تلك الجمل. فالكتابة للأطفال والناشئة باللغة العربية كثيرا ما تتّسم بجمل عدّة لا تفصلها نقطة أو فاصلة أو غيرها من علامات الترقيم مما يجعل القارئ يضيع في جملة هي أشبه ما تكون بالفقرة. فعلى مستوى تصنيف مستوى الكتب هنالك فرق بين: السماء صافية (مبتدأ وخبر) وبين: السماء نجومها متلألئة (مبتدآن وخبر) وبين: كانت السماء نجومها متلألئة وقمرها صاف يغزل من خيوطه فضّة سائلة ينثرها في وجه الكون نورًا من لجين (أعتقد أنّ هذه الجملة ستكون بداية جميلة لكتاب ما) وهناك فرق بين التراكيب التي تكرّر في كلّ صفحة (فعل وفاعل أو مبتدأ وخبر) وبين تلك الجمل التي تختلف تراكيبها وتتنوع من صفحة ٳلى أخرى في الكتاب نفسه.
8- الرسوم والصور المستخدمة: للصور والرسوم حكاية طويلة مع كتب أدب الأطفال. فالصور في المستويات المبتدئة يجب أن تروي بنفسها القصة كاملة دون حاجة ٳلى كلمات فتكون الصور والرسوم واضحة ومباشرة ومع تقدّم المستوى من الممكن أن تصير الصور أكثر رمزية وغموضا إلى أن تقلّ مع الكتب ذات الفصول وتختفي تقريباً كليّاً في المستويات العليا.
9- رسم الحركات على الكلمات: يساعد رسم الحركات (الفتحة والضمة والكسرة والشدة والسكون والتنوين) الطالب على القراءة وتسهيل عملية الفهم وبالتالي فانّ رسم الحركات ضروري حتى المراحل المتقدّمة قرائيا. بعد ذلك يقتصر رسم الحركات على ما يصعب فهمه دونه.
10- عدد الكلمات: كلّما كثر عدد الكلمات غير البصرية المستخدمة في كتب أدب الأطفال كلّما زادت صعوبة الفهم القرائي عند الطفل فالكلمات البصرية تسهّل عملية القراءة عند الطفل بحيث تساعده على التركيز على المعاني أثناء القراءة وتوفّر عليه صرف انتباهه وتركيزه ووقته على تهجئة الكلمات وقراءتها قراءة صحيحة. ينبغي الانتباه إلى أن استخدام عدد الكلمات في النص ليس مؤشرا أساسيا على صعوبة مقروئية النص ذلك أنّ اللغة العربية تزخر بنصوص أدبية مقتضبة نسبيا ولكنها تحتوي كمّاً هائلا من الرمزية والمفاهيم الفلسفية مما يجعلها أصعب كثيراً مما تبدو عليه للوهلة الأولى (مثال، قنديل أم هاشم: 22400 كلمة).
وقد تبنّت هذا النظام مؤسّسة الفكر العربي من خلال مشروعها عربي21 وبسبب جهودها في هذا المجال تبنّت عدّة دور نشر عربية نظام التصنيف هذا. من هذه الدور:
دار العلم للملايين
دار أصالة
دار الحدائق
دار أكاديميا انترناشونال
دار الشرق العربي
دار عبيكان
دار الكتب الحديثة
دار المؤلّف
مكتبة المعارف
Turning Point
الدار العربية للعلوم
للاطّلاع على المزيد اضغط هنا